الاثنين، 23 يناير 2017

يجب استعادة العقل من كل عقيدة دينية او سياسية تصادره:


(موضوع المعجزات ودورها في تقزيم العقل العربي حتى اليوم)
 لااعتقد ان هناك امة في العالم اليوم تمارس الدعاء في حياتها اليومية مثل العرب,ويكفي ان نفتح صفحات الفيس او الرسائل او نراقب الطقوس والعادات الاجتماعية لندرك اننا امة تعيش في فضاء من الدعاء واستمطار المعجزات لتحقيق نصر ما واستجلاب خير او قهر عدو مما جعلنا نتحول الى مجتمع شديد الهشاشة والتواكل فنصطدم بالخيبة تلو الخيبة ونعتقد ان الاقدار لم تحالفنا هذه المرة او تلك وكل ذلك يعود الى تقليد ديني واجتماعي مريض سأبحث في اصوله الآن:
1--على الرغم من ان التوراة هي اكثر كتاب ديني  في العالم يتحدث عن معجزات انبياء اسرائيل وتلبية الاله لمطاليبهم فان اليهود وبعد اربعة قرون على تدوين التوراة قد تخلوا عن 
هذه الافكار المتخلفة التي استصغرت شأنهم وقام الفيلسوف اليهودي فيلون في الاسكندرية
بتفسير هذه المعجزات تفسيرا (غنوصيا) اي عرفانيا ورمزيا بعيدا عن حرفية النص كل البعد
 الى قيم تأملية وفلسفية مقبولة مما جدد اهمية الكتاب في نظر القراء وتم تصدير هذه المعجزات الخرافية بحرفيتها الى الاخرين
22-- وهكذا طرح فيلون النص التوراتي وراءه ,خلافا للمسيحية والاسلام اللتين استقبلتاه ,فاتحا الطريق امام افق براغماتي وعملي وعلمي في مؤداه حتى اليوم ,يقوم على المبدأ التالي:لاقيمة للفكرة بحد ذاتها ايا كانت بل القيمة لطريقة استغلالها والاستفادة منها سواء كانت الفكرة مادية مثل (قلم وورقة) او معنوية مثل (
الذكاء والغباء) فذكاؤك قد يقتلك حينا وقد ينقذك حينا آخر كما ان الغباء يمكن ان 
 ينقذ صاحبه في بعض المواقف ويقضي غليه في مواقف اخرى ,اما القلم فيمكن ان تكتب به مايرفعك الى القمم او مايقودك الى حبل المشنقة ,وهكذا العبرة في استخدام الفكرة وتوظيفها وليست في اصلها
3--فكرة الاله الذي خلق الانسان من ماء وطين  ونفخة منه(معجزة) وذلك على صورته ومثاله(فخلق الله الانسان على صورته,اصحاح1 آية 28 سفر التكوين) وامره الّا يأكل وزوجته من شجرة المعرفة(فتكونان كالله عارفين الخير والشر اصحاح 3 اية 6) فتم طرده من الجنة لكي لايعرف وذريته الخير من الشر فيتساوى مع الاله,وهنا العبرة:نحن امام مستويين للاله الاول يقول :الاله كينونة بجسم يشبه الانسان والثاني الاله هو معرفة الخير والشر التي لايجوز للبشرالاخرين ادراكها ,اما المستوى الاول (الاله يشبه الانسان)فتخلى عنه اليهود كغاية وحولوه الى فكرة تخدمهم حيث صدّروه لغيرهم كي يتقاتلوا ويختلفوا فيه في الاديان والمذاهب التالية اي في حقيقة الاله هل له عينان اذنان وعرش وجنود ام ليس جسدا ولا صورةالخ... ام ماذا ؟؟؟ودار جدل سفسطائي بغير نهاية ولا دراية حتى اليوم بينما تخلى اليهود عن هذه المقولة تماما وتركوا للناس ان يختلفوا فيها
44-- المستوى الثاني للاله هو المعرفة فاذا كنت تعرف اكثر من الاخرين فانت اله لهم اي سيد عليهم وهنا نقلوا الفكرة من افقها الغيبي الى واقع وحضورعملي هو العلم والمعرفة باعتبارهما وسيلة وحيدة للنهوض والسيطرة على الاخرين وتمسك اليهود بهذا المبدأ الى اليوم فالعلم يجب ان يكون لهم وحدهم وكل ماينتج عن العلم من معرفة واختراع ومال واقتصاد الخ...بينما يتقاتل غيرهم حتى اليوم على شكل الاله وجنس الملائكة
55--ثم تاتي معجزات الانبياء الاسرائيليين التي لاحصر لها ومنها على سبيل المثال عبور البحر الاحمر الذي شقه النبي باشارة من عصاه , فالبحرعند فيلون هو الحياة الحسية التي تخوض فيها النفس الانسانية تجربتها ثم تنتصر عليها بالايمان والعمل فقط,حيث لابحر ولا عصا ولا فرعون ,بينما تم توريث النص التوراتي للمسيحية والاسلام وما زالوا يتعاملون بحرفيته التي رفضها اليهود منذ اكثر من الفي عام وقس على ذلك بقية المعجزات ولكن كيف كانت المعجزات وسيلة للسيطرة على البشر؟
66--ابدأ بالطفولة البريئة ,الطفل الصغير يجهل قوانين الحياة والطبيعة ثم يتعرف عليها بالخبرة والتعليم فاذا قدمنا له تربية سليمة وتعليما صحيحا امتلك العقل وبحث عن الاسباب والتعليلات للظواهر من حوله اما اذا كان التعليم خرافيا واسطوريا فانه يظل جاهلا وعاجزا عن التمييز ولذلك نشاهد افلام الاطفال الهدامة لعقولهم الصغيرة التي تقدم لهم المعجزات في حركات والوان وصور جذابة:البقرة تطير والفارة تنتصر على القط ,القط يموت ويسحق وسرعان مايقوم من الموت الخ...بينما نشاهد الافلام التربوية التي تنمي ملكة العقل والادراك
وقيمة العمل والابداع هي التي تساعد في بناء شخصية الطفل 
77--هنا نفهم لماذا تم تصدير معجزات انبياء اسرائيل الى الاديان والمذاهب الاخرى في حين تحرر اليهود من تأثيرها الماحق للعقول لانك امام المعجزة لايمكن ان تسأل كيف ولماذا؟ وما عليك الا ان تسلم بصحتها فتفقد صوابية التفكير وتستسلم لقوى غيبية مفترضة تحل محلها قوى بشرية تسيطر على الشعوب وتصبح قدرا مقدرا عليها ولهذا نسمع من يقول اليوم لولا ان اليهود مكرمون عند الله لما انتصروا وتحكموا بمصائر الشعوب ونكتشف ان رأي فيلون بان الاله علم ومعرفة فقط قد اعطى ثماره بينما ننتظر معجزات السماء كي تخلصنا منهم
88--وما زالوا يديرون دفة العقل الديني والسياسي وفقا لهذا المبدأ ويأتمر الناس بامرهم فالداعشي واضرابه يذبحون الطفل والمرأة ويرددون الله اكبر لانهم لايميزون الخير من الشر 
 ويدربون الاطفال في سن العاشرة على القتل والذبح وحمل السلاح تاكيدا لعقيدتهم في خلق الانسان المعجزة الذي سيصبح فارسا فاتكا لايقهر, مستغلين سذاجته وذلك بغسل دماغه بالمعجزات والجنة والنار الى آخر الاسطوانة المعروفة التي نسمعها كل يوم ويتوهمون بان الارث الحضاري العظيم لاسلافنا انما هو اصنام يجب تحطيمها خدمة لليهود الذين لايملكون في تاريخهم اي اثر عمراني او فني او معرفي لانهم قبيلة من الرعاة يعيشون على الحيلة والخداع كما تقدمهم التوراة نفسها (وليس كما اريد انا) ولذلك يريدون تدمير اثارنا لانها وحدها قاهرة لهم
99--ولهذا فقط يستحضرون في الوعظ الديني وفي الاعلام السياسي في بلادنا العربية رجال التاريخ كمعجزات يجب ان نستعيدها لان استعادتها كفيلة بهزيمة العدو كما يتم تقديم الحكام والسياسيين على انهم ملهمون جادت بهم السماء وجاؤوا لانقاذ الشعب من الفقر والجوع والاعداء وسرعان ماينكشف الزيف وتظهر المرارة فاقعة صفراء ودامية فنحصد الخيبة تلو الخيبة ونخسر قضايانا باستمرار نتيجة الوعظ المشوه والسياسة الرعناء والتعليم الناقص والعدل الغائب وهلم جرّا وشكرا لمن يقرأ ويناقش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من معجم الخصوبة:تحليل الجذر الثنائي الرابع والسبعين,التاء مع الهاء(ته,تاه,توه,تيه)

من معجم الخصوبة                                                                                                                            ...