لماذا يكره العرب الثقافة؟؟
سؤال هام وجوهري يتردد على لسان كل انسان مخلص ومتحضر ,ولا سيما ان الدعوة لحضور اية محاضرة او محاضر في المراكز الثقافية وفي جميع الاقطار العربية لن تلاقي قبولالاكثر من خمسة عشر الى عشرين شخصا في مدينة يبلغ سكانها مئات الالاف مع ان الحضور مجاني في حين ينشر اعلان لمطرب صاعد او هابط او لحضور مباراة رياضية او حفلة سيرك او فيلم سينما سوف تجد الالاف يتهافتون لقطع التذاكر غالية الثمن وتكتظ القاعات بالهتاف والتصفيق والميلان والرقص؟
انا لاانكر على الناس حقهم في الاستمتاع بالفن والرياضة وسواهما لكني حين اسمع واقرأ بأن العرب هم اقل شعوب الارض اهتماما بالثقافة والكتاب ,ومدارسهم وجامعاتهم هي الاسوأ في الترتيب العالمي بالقياس الى مثيلاتها وبنسب مخيفة ,بينما كان اسلافناالاقدمون اول من اخترع القراءة والكتابة في العالم اجمع وكتبوا على الطين والحجر وصنفوا وألفوا قبل خمسة وثلاثين قرنا الملاحم والاناشيد وسواها , وهنا سأحاول البحث في الاسباب التي اوصلتنا الى هذه الحالة العمياء التي اطلقت الوحوش العمياء في بلادنا على شعبنا اولا وعلى الشعوب الاخرى
1--اسباب تاريخية:درجت مناهجنا الغبية على استنساب ثقافتنا الى مجتمع البداوة الامي في شبه الجزيرة العربية قبيل الاسلام وكأنّ تاريخنا الثقافي لايتجاوز الفا وخمس مئة عام وعلى الرغم من الكشوف الاثرية التي اذهلت العالم بثقافتها وحضارتها فانها لم تدخل مناهجنا التعليمية حتى اليوم ,بل مايزال وصف الناقة والوقوف على الاطلال والهجاء القبلي و المديح والتكسب والغناء كل مانتعلمه ونعلمه ,وكلنا يعلم ان شعراء الجاهلية كانوا اميين وكانت الامية فخرا لهم فالجاهلي لايقرأ في صحيفة ولا يأخذ عن صحفي كي لايُطعن على حافظته المدهشة والحق يقال ان الاميّ اقدر على الحفظ البصم من المتعلم والمثقف بسبب خلو المخ لديه من الاعباء فكانت هذه هي الارضية التاريخية التي نشأت عليها شخصية المجتمع وسوف تبقى بعد الاسلام
22--اسباب دينية:على الرغم من انّ الآية الاولى في القرآن هي اقرأ باسم ربك.......الذي علم بالقلم فإن جواب النبي محمد ماأنا بقارئ قد القى بظلاله على الكثير من المسلمين الى اليوم بمعنى :ان الامية ليست عيبا عندهم فهاكم النبي محمد امي, بل حاول الكثيرون ان يتقلدوه في الانقطاع الى التأمل والعبادة في الصحراء والصوامع لعله يحظى بالوحي ,وحين طلب النبي من اسرى بدر ان يعلم كل منهم عشرة صبيان من المسلمين تخلى عن الفكرة لصالح الدين نزولا عند الآية التي طلبت منه ان يمكّن الدين اولا:
(ماكان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض),ولم يكتب في صدر الاسلام شئ ابدا سوى القرآن ,حتى ان احاديث النبي لم تدون (كي لايختلط امرها مع القرآن)الا في العصر العباسي الاول شأنها شأن الشعر الجاهلي فكلاهما اخذ نقلا عن الحفاظ والرواة اي بعد مطلع الاسلام بمئة وخمسين عاما ونستغرب حين نعلم ان اول كتاب ادبي وثقافي في لغتنا العربية هو كليلة ودمنة وقد ترجمه ابن المقفع عن الفارسية ثم قتله ابو جعفر المنصورالعباسي
33--اسباب سياسية:كانت السلطة السياسية الحاكمة عبر التاريخ معادية للعلم والثقافة الا في القليل النادر حيث لانجد في تاريخنا الثقافي اي كتاب يعود الى العصر الاموي وكذلك الخلفاء العباسيون باستثناء المأمون الذي اهتم بالعلم والعلماء ونشطت في عصره الترجمة وتمت لاول مرة محاولة قياس محيط الارض باخذ زاوية قوسية من سطح الارض وكانت الثقافة السائدة هي تقافة المذاهب المختلفة وكان المعتزلةاول من بنى صروحا ثقافية للفكر الفلسفي والجدل ولكن حركتهم ذابت في النهاية في حمى الصراعات المذهبية وانتهت الى غير رجعة وحين حاول علماء وباحثون من امثال جابر بن حيان وابن الهيثم وابن سينا والفارابي وابن رشد كان فقهاء الدين لهم بالمرصاد مستخدمين سلاح التكفيرضدهم لانهم فضلوا العقل على النقل ,ولا يسعني الا ان اجعل حكم العرب في الاندلس استثناء فقد عرف بالتسامح الديني والاهتمام بالعلم والجامعات فنبغ العلماء والفلاسفة والاطباء هناك وكانت الاندلس قبلة لطالبي العلم من انحاء اوروبا
44-- وحين نصل الى بوابة العصر الحديث نجد بوادرنهضة جبارة تظهر مع طموحات محمد علي وابنه ابراهيم باشا ولكن تآمر الدول الكبرى أنذاك فرنسا وبريطانيا حال دون مشروعه السياسي والثقافي الذي كان متقدما في روحه على مشاريع العرب كلهم اليوم ,ففي عصره نشر الطهطاوي كتابه المرشد الامين في تعليم البنات والبنين وقد تأخر تعليم البنات بعده اكثر من مئة عام وما زال الظلاميون المتعصبون يعارضونه الى اليوم ,ولكن الذي يؤلمنا حقا هو انصراف العرب عن الثقافة وافتقار جامعاتنا ومدارسنا اسس البحث العلمي حتي ان ترتيب اهم جامعة عربية يتجاوز الخمسة الاف على نطاق العالم بينما تحتل ستة جامعات ومعاهد اسرائيلية مكانها بين الجامعات الخمسين الاولى في العالم وهذا يدل على اننا نهتم بالكم وليس بالكيف ويجري تجهيل الجامعات العربية على قدم وساق بتقديم الكوادر العاجزة والشهادات المشتراة والفساد المستشري وكأنّ عدونا هو الذى يوجه مؤسساتنا التعليمية الى الفوضى والتجهيل
55--لاشك ان المسؤولية تقع على النخب الثقافية العربية اولا واخيرا كما تقع مسؤولية داعش ورفيقاتها على النخب الدينية فلو راي القاريء العربي الادب والفكر والثقافة التي تعجبه لاهتم بها كما لو راى الجمهوررجل الدين الصالح الواعي والراقي لما انصرف قسم كبير نحو داعش وسواها فالعلة تكمن في المؤسسات والافراد ويخطئ من يظن ان ثقافة داعش القاتلة قد جاءت من فراغ او بأدلجة صهيونية بل جاءت من رحم التعليم الديني المريض ويتحمل الازهر باعتباره اكبر مؤسسة اسلامية القسط الاكبر من المسؤولية حتى اللحظة لان مساهمته في تنقية الدين من هذه الظاهر لاتكاد تذكر بل على العكس قرأنا في مناهجه مايندى له الجبين من افتاء في القتل والسبي والحرق والاغتصاب وما يقال هنا يقال على الاصعدة الثقافية الاخري اي يجب ان ينتج المثقفون الادب والثقافة التي تغني العقول فيقول عنها القراء هذا مانريد وهذا مايغني عقولنا والا فان التفاهة تجر تفاهات وخذوا النماذج السائدة اليوم من الفيس بوك لتجدوا انها تقدم اصدق شهادة موثقة على مستوى وعي الناس وثقافتهم البائسة والمشوهةعموما ولكن الجميل المبدع سيفرض نفسه ويعترف الناس بجماله وفضله ويقبلون عليه ولو بعد حين وشكرا
سؤال هام وجوهري يتردد على لسان كل انسان مخلص ومتحضر ,ولا سيما ان الدعوة لحضور اية محاضرة او محاضر في المراكز الثقافية وفي جميع الاقطار العربية لن تلاقي قبولالاكثر من خمسة عشر الى عشرين شخصا في مدينة يبلغ سكانها مئات الالاف مع ان الحضور مجاني في حين ينشر اعلان لمطرب صاعد او هابط او لحضور مباراة رياضية او حفلة سيرك او فيلم سينما سوف تجد الالاف يتهافتون لقطع التذاكر غالية الثمن وتكتظ القاعات بالهتاف والتصفيق والميلان والرقص؟
انا لاانكر على الناس حقهم في الاستمتاع بالفن والرياضة وسواهما لكني حين اسمع واقرأ بأن العرب هم اقل شعوب الارض اهتماما بالثقافة والكتاب ,ومدارسهم وجامعاتهم هي الاسوأ في الترتيب العالمي بالقياس الى مثيلاتها وبنسب مخيفة ,بينما كان اسلافناالاقدمون اول من اخترع القراءة والكتابة في العالم اجمع وكتبوا على الطين والحجر وصنفوا وألفوا قبل خمسة وثلاثين قرنا الملاحم والاناشيد وسواها , وهنا سأحاول البحث في الاسباب التي اوصلتنا الى هذه الحالة العمياء التي اطلقت الوحوش العمياء في بلادنا على شعبنا اولا وعلى الشعوب الاخرى
1--اسباب تاريخية:درجت مناهجنا الغبية على استنساب ثقافتنا الى مجتمع البداوة الامي في شبه الجزيرة العربية قبيل الاسلام وكأنّ تاريخنا الثقافي لايتجاوز الفا وخمس مئة عام وعلى الرغم من الكشوف الاثرية التي اذهلت العالم بثقافتها وحضارتها فانها لم تدخل مناهجنا التعليمية حتى اليوم ,بل مايزال وصف الناقة والوقوف على الاطلال والهجاء القبلي و المديح والتكسب والغناء كل مانتعلمه ونعلمه ,وكلنا يعلم ان شعراء الجاهلية كانوا اميين وكانت الامية فخرا لهم فالجاهلي لايقرأ في صحيفة ولا يأخذ عن صحفي كي لايُطعن على حافظته المدهشة والحق يقال ان الاميّ اقدر على الحفظ البصم من المتعلم والمثقف بسبب خلو المخ لديه من الاعباء فكانت هذه هي الارضية التاريخية التي نشأت عليها شخصية المجتمع وسوف تبقى بعد الاسلام
22--اسباب دينية:على الرغم من انّ الآية الاولى في القرآن هي اقرأ باسم ربك.......الذي علم بالقلم فإن جواب النبي محمد ماأنا بقارئ قد القى بظلاله على الكثير من المسلمين الى اليوم بمعنى :ان الامية ليست عيبا عندهم فهاكم النبي محمد امي, بل حاول الكثيرون ان يتقلدوه في الانقطاع الى التأمل والعبادة في الصحراء والصوامع لعله يحظى بالوحي ,وحين طلب النبي من اسرى بدر ان يعلم كل منهم عشرة صبيان من المسلمين تخلى عن الفكرة لصالح الدين نزولا عند الآية التي طلبت منه ان يمكّن الدين اولا:
(ماكان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض),ولم يكتب في صدر الاسلام شئ ابدا سوى القرآن ,حتى ان احاديث النبي لم تدون (كي لايختلط امرها مع القرآن)الا في العصر العباسي الاول شأنها شأن الشعر الجاهلي فكلاهما اخذ نقلا عن الحفاظ والرواة اي بعد مطلع الاسلام بمئة وخمسين عاما ونستغرب حين نعلم ان اول كتاب ادبي وثقافي في لغتنا العربية هو كليلة ودمنة وقد ترجمه ابن المقفع عن الفارسية ثم قتله ابو جعفر المنصورالعباسي
33--اسباب سياسية:كانت السلطة السياسية الحاكمة عبر التاريخ معادية للعلم والثقافة الا في القليل النادر حيث لانجد في تاريخنا الثقافي اي كتاب يعود الى العصر الاموي وكذلك الخلفاء العباسيون باستثناء المأمون الذي اهتم بالعلم والعلماء ونشطت في عصره الترجمة وتمت لاول مرة محاولة قياس محيط الارض باخذ زاوية قوسية من سطح الارض وكانت الثقافة السائدة هي تقافة المذاهب المختلفة وكان المعتزلةاول من بنى صروحا ثقافية للفكر الفلسفي والجدل ولكن حركتهم ذابت في النهاية في حمى الصراعات المذهبية وانتهت الى غير رجعة وحين حاول علماء وباحثون من امثال جابر بن حيان وابن الهيثم وابن سينا والفارابي وابن رشد كان فقهاء الدين لهم بالمرصاد مستخدمين سلاح التكفيرضدهم لانهم فضلوا العقل على النقل ,ولا يسعني الا ان اجعل حكم العرب في الاندلس استثناء فقد عرف بالتسامح الديني والاهتمام بالعلم والجامعات فنبغ العلماء والفلاسفة والاطباء هناك وكانت الاندلس قبلة لطالبي العلم من انحاء اوروبا
44-- وحين نصل الى بوابة العصر الحديث نجد بوادرنهضة جبارة تظهر مع طموحات محمد علي وابنه ابراهيم باشا ولكن تآمر الدول الكبرى أنذاك فرنسا وبريطانيا حال دون مشروعه السياسي والثقافي الذي كان متقدما في روحه على مشاريع العرب كلهم اليوم ,ففي عصره نشر الطهطاوي كتابه المرشد الامين في تعليم البنات والبنين وقد تأخر تعليم البنات بعده اكثر من مئة عام وما زال الظلاميون المتعصبون يعارضونه الى اليوم ,ولكن الذي يؤلمنا حقا هو انصراف العرب عن الثقافة وافتقار جامعاتنا ومدارسنا اسس البحث العلمي حتي ان ترتيب اهم جامعة عربية يتجاوز الخمسة الاف على نطاق العالم بينما تحتل ستة جامعات ومعاهد اسرائيلية مكانها بين الجامعات الخمسين الاولى في العالم وهذا يدل على اننا نهتم بالكم وليس بالكيف ويجري تجهيل الجامعات العربية على قدم وساق بتقديم الكوادر العاجزة والشهادات المشتراة والفساد المستشري وكأنّ عدونا هو الذى يوجه مؤسساتنا التعليمية الى الفوضى والتجهيل
55--لاشك ان المسؤولية تقع على النخب الثقافية العربية اولا واخيرا كما تقع مسؤولية داعش ورفيقاتها على النخب الدينية فلو راي القاريء العربي الادب والفكر والثقافة التي تعجبه لاهتم بها كما لو راى الجمهوررجل الدين الصالح الواعي والراقي لما انصرف قسم كبير نحو داعش وسواها فالعلة تكمن في المؤسسات والافراد ويخطئ من يظن ان ثقافة داعش القاتلة قد جاءت من فراغ او بأدلجة صهيونية بل جاءت من رحم التعليم الديني المريض ويتحمل الازهر باعتباره اكبر مؤسسة اسلامية القسط الاكبر من المسؤولية حتى اللحظة لان مساهمته في تنقية الدين من هذه الظاهر لاتكاد تذكر بل على العكس قرأنا في مناهجه مايندى له الجبين من افتاء في القتل والسبي والحرق والاغتصاب وما يقال هنا يقال على الاصعدة الثقافية الاخري اي يجب ان ينتج المثقفون الادب والثقافة التي تغني العقول فيقول عنها القراء هذا مانريد وهذا مايغني عقولنا والا فان التفاهة تجر تفاهات وخذوا النماذج السائدة اليوم من الفيس بوك لتجدوا انها تقدم اصدق شهادة موثقة على مستوى وعي الناس وثقافتهم البائسة والمشوهةعموما ولكن الجميل المبدع سيفرض نفسه ويعترف الناس بجماله وفضله ويقبلون عليه ولو بعد حين وشكرا