شخصية موسى في التوراة تطبع الشخصية الاسرائيلية فالاله يسير على هواه ولكنه يهرب امام الاقوياء ويبطش بالمستضعفين بصورة تفوق الخيال:
--من المؤكد ان اليهود لن يعترضوا على مقالي لاني لن احيد عما ورد في التوراة ولكن المسلمين بالتحديد سيجدون فيه مايخالف قناعاتهم الساذجة التي تفتقر الى المعرفة والدراية بالشخصية الاسرائيلية حتى اليوم:
-1-- يحتل موسى موقع قطب الرحى في وعي ديانات المنطقة وكتبها المقدسة انطلاقا من كونه الشخصية الاهم في التوراة والتي جرى التركيز عليها في كل من الانجيل والقرآن بصورة تفوق اي شخصية أخرى مع الفوارق في الاضاءة والتوجيه هنا او هناك وبما يخدم تطلعات الاسرائيليين في كل مرحلة مع تأكيدي بأن المسألة الاسرائيلية هي المسألة الاهم والعقدة الشائكة التي لم تجد حلا في المسيحية والاسلام عبر التاريخ وحتى اليوم وهذا واضح في تبعية الكثير من السياسات الدولية للمصالح الاسرائيلية ناهيك عن دور مؤسسات دينية في الاسلام والمسيحية تعتبر تقديس بني اسرائيل ونصرتهم من اولى واجباتها.
2-- يبدأ وعي موسى القومي بالظهور حين رأى رجلا مصريا واخر عبرانيا يتشاجران,والتفت حوله فلم ير احدا فقتل المصري وطمره في الرمل ,وفي اليوم الثاني رأى رجلين من قومه يختصمان فسأل احدهما لماذا تضرب صاحبك ؟اجابه : أمفتكر انت بقتلي كما قتلت المصري؟فخاف موسى وقال :حقا قد عُرف الامر لان فرعون سيقتله ,فهرب موسى وسكن في ارض مديان(هروب موسى الى مديان,11-15) وهناك يتعرف على كاهن مديان في سيناء ويزوجه ابنته بعدما ساعدها في سقاية اغنامها ومكث سنوات انجب خلالها ولدين(جرشوم واليعازر)
3--يبدأ الدور الالهي حين ظهر الاله له على صورة نار في شجرة عليق(ديس) ويأمره بالعودة الى مصر لاخراج قومه من مصر الى فلسطين ويقول له:ولكني اعلم ان ملك مصر لا يدعكم تخرجون ,فامد يدي واضرب مصر بكل عجائبي وبعد ذلك يطلقكم,واعطي نعمة لهذا الشعب(الاسرائيلي) بأن تطلب كل امرأة من جارتها المصرية أمتعة فضة وامتعة ذهب وثيابا وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين(
الخروج,3)- لاحظ:الاله يعلم الاسرائيليين كيف يستغلون طيبة المصريين واحسانهم باستعارة مصاغ الفضة والذهب من الجارات المصريات ثم سرقتها-
4--ثم يضع الاله عصاه المعجزة بيد موسى وحين يشكوه:أنا ثقيل الفم واللسان,يطلب منه اصطحاب اخيه هارون الفصيح قائلا:هو يكون لك فماً وانت تكون له إلهاًوسوف اشدد قلب فرعون حتى لايطلق الشعب( اي يتصلب في موقفه) وهكذا يطلب موسى وهارون من الفرعون السماح بخروج بني اسرائيل فيرفض لتبدأ المعجزات: عصا موسى تبتلع ثعابين السحرة المصريين,وتحول مياه النيل الى دم, وبعدها ضربة الضفادع التي فاض بها النهر فملآت بيت فرعون وبيوت جميع المصريين حتى ملأت التنانير والمعاجن ثم أمر فماتت الضفادع وانتنت فكانت اكواما كثيرة,ثم جاءت ضربة البعوض والذبان حيث صار كل تراب الارض بعوضا غطى البشر والماشية,ثم ضربة الماشية حيث انتشر وباء أمات كل مالدى المصريين من خيل واغنام وابقار واغنام دون ان يمس الاذى مواشي الاسرائيليين ولما لم يستجب الملك أخذ موسى رمادا فذره في الهواء فصار دمامل وبثور طالعة في الناس والبهائم ثم جاءت ضربة البرد والجراد وكانت الضربة الاخيرة وهي موت الابكار حيث مات كل ولد بكر بدءا من بكر فرعون الى جميع ابكار المصريين ومواشيهم وهنا يطلب الاله الى موسى الخروج مع قومه في منتصف الليل فخرجوا هاربين بالرغم من الدعم الالهي ,وتخلصوا من المصريين فكان بذلك يوم الفصح اليهودي بما فيه من ذبح ودماء
5--وهنا يطاردهم فرعون وجيشه فكانت المعجزة الاخيرة حين شق موسى بعصاه البحر فغرق فرعون ونجا بنو اسرائيل ودخلوا ارض سيناء ويستقبلهم يثرون(شعيب )حمو موسى بترحاب عظيم ثم يتلقى موسى الوصايا العشر عن جبل سيناء ولما ابطأ في النزول قال الشعب لهارون اصنع لنا آلهة تسير امامنا لان موسى لانعلم ماأصابه,
فطلب هارون ان تجمع الحلي من النساء وصنع لهم عجلا ذهبيا يسيرون وراءه -وفي هذا العمل عودة الى تراث المنطقة وهو عبادة الاله ثور الذي شتمه موسى- فيطلب الرب الى موسى ان اسرع فقد فسد شعبك,فيتضرع موسى للرب قائلا:لماذا يارب يحمى غضبك على شعبك؟ارجع عن حمو غضبك واندمْ على الشر بشعبك,اذكر ابراهيم واسحق واسرائيل الذين قلت لهم:اعطي نسلكم كل هذه الارض فيملكونها الى الابد,فندم الرب على الشر الذي قال سيفعله بشعبه.
6--ثم توجه موسى باللوم الى اخيه هارون فاعتذر منه طالبا المغفرة ثم نحت لوحين حجريين بدلا من لوحي الشريعة اللذين كسرهما بسبب غضبه على قومه كي يعيد كتابة الوصية وصام موسى اربعين يوما عن الطعام والشراب وكتب على اللوحين الوصايا العشر, وهناك يمكث الاسرائيليون زمنا طويلا بجوار المديانيين يتعلمون خلالها كل الفروض والواجبات الدينية والاعياد والمحللات والمحرمات ,وحدث ان امرأة مديانية اغوت شابا اسرائيليا مع شبان آخرين فضاجعوها في خيمة الاجتماع ومع انه تم قتل الشاب والمرأة الا ان هذا لم يشفع لاهل مديان فامر موسى بالانتقام,فقتلوا كل ذكر وسبوا نساء مديان واطفالهم ونهبوأ بهائمهم وجميع مواشيهم واحرقوا جميع مدنهم بالنار (سفر العدد,1-10) ورجع جيش موسى ظافرا معتزا بالسبايا الا ان موسى غضب بشدة لانهم استحيوا النساء والاطفال(لم يقتلوهم) فامر موسى ان يقتلوا جميعا ماعدا العذارى
7-- وكانت الحصيلة التي اشبعت غريزة موسى بالتعطش للدم ان قتلوا كل ذكر من الاطفال وكل امرأة عرفت ذكرا وكانت حصيلة النهب675 الفا من الغنم,72 الفا من البقر,61 الفا من الحمير ومن العذارى 32 الفا حظي الكهنة باثنتين وثلاثين من اجملهن, والسؤال :باي منطق يتم ذلك ومن هذا الاله وهذا النبي الذي فاق باعماله واخترق كل القيم الانسانية , هذا النبي الذي لم يستطع ان يواجه المصريين بل هرب تاركا للاله وحده ان ينتقم اما المديانيين فقد استضعفهم ففتك بهم بصورة تفوق همجيتها كل ماسجله التاريخ مع انهم اكرموه وقومه واحسنوا جيرتهم ورحبوا بهم
8--وهنا نصل الى بيت القصيد الذي مازال يُغنَّى في اسرائيل والعالم كله :اسرائيل مظلومة وديعة مسكينة امام العالم يجب على الجميع احترامها والاخذ بعين الاعتبار لكل مصالحها النفسية والاجتماعية والسياسية ولكنها مدعومة إلهيا ومفروض احترامها على الجميع وحين تتعرض للخطر تهب الدول القوية لنصرتها وتنضوي تحت شعاراتها فاذا كانت عاجزة عن تفتيت منطقتنا فعلى دول الغرب المسيحي المتصهين والاسلام المتصهين ان يقوموا بهذه المهمة وهذا مايفعلونه اليوم في بلادنا , وينسى الجميع ان اسرائيل تمسك بناصية راس المال العالمي ولوبياتها المنتشره في دول الغرب والشرق وانيابها الذرية والصاروخية المعدة لتدمير المنطقة والعالم اذا احتاج الامر لتكون الدنيا كلها شعوبا واقاليم تحت سيطرتها كما تريد الاسطورة التوراتية لندرك في النهاية اننا لم نتخلص من زمن الاساطير مع فارق ان اساطيرنا نحن العرب وبال علينا ونعيم عليهم لانهم هم الذين وضعوها وسارت على مر التاريخ